تعرف عدد من المدن المغربية منذ مدة ليس بالقصيرة، ظاهرة غريبة تتمثل في زرع السلطات لأشجار النخل الطويلة بعدد من شوارعها.
نخيل يجمع الجميع أنه لا فائدة ترجى منه، فلا هو يمنح الظل، ولا هو يثمر، ولا هو يقدّم فائدة بيئية للمحيط من حوله، بل إن سعَفه نفسه يتعرض للتلف في الغالب، فنصبح أمام أعمدة خشبية يستحيل أن تفعم المغزى من وجودها.
وبعد استفحال الظاهرة بشكل كبير فعلا في مجمل المدن، أطلق عدد من النشطاء البيئيين حملة إلكترونية مؤخرا من أجل وقف هذا التنخيل العشوائي.
وأوردت العريضة أن النخيل المغربي يتوقف مستواه البيومناخي بجهة مراكش شمالا وفكيك شرقا، بينما توجد منطقة سوس خارج الفضاء النخيلي.
الأدهى من هذا، وفق العريضة نفسها، أن مدبري الفضاء العام فرضوا على المدن نوعا دخيلاً أمريكي الأصل وهو "الواشنطونيا" أو "البريتشارديا"، "لدرجة أنه تم إدماجه بجانب النخل البلدي الشامخ بمراكش منذ مدة أمام صمت الجميع".
وتساءل موقعو العريضة "ألا يعد هذا انتهاكا لحقوق منظرها الطبيعي الاصلي الذي يشكل هويتها المنظرية والتاريخية؟".
ووصفت المهندسة سليمة بلمقدم، رئيسة حركة مغرب للبيئة 2050، التي أطلقت العريضة، ما يحدث بأنه "جريمة بيئية وتراثية".
أما في جهة طنجة تطوان الحسيمة، موطن الصنوبريات، فقد شهدت اجتثات الأنواع الشجرية المحلية وتعويضها بكثافة في شوارعها وساحاتها بنوع الواشنطونيا أو حتى النخل البلدي، بينما الدار البيضاء أصبحت مشتلا للنخلة الكاليفورنية بجميع أحيائها رغم صعوبة تأقلمها على طول كورنيش عين الذياب، على شكل شريط فقير الجمالية والنسق، إضافة إلى مدن مختلفة أخرى.
واعتبرت العريضة أن ما يحدث يعدا انتهاكاً للهوية والذاكرة المنظرية للمجال الترابي ما يؤثر على الصحة النفسية للساكنة والأمن المجتمعي ولا يسهم في إغناء شروط السياحة الوطنية والدولية.
وتضيف الوثيقة الرقمية أن النخلة المغروسة بغير مجالها تتعذب ولا تكون بصحة جيدة وينتهي بها الأمر إلى الذبول ثم الموت. إضافة إلى أن النخل، وخاصة طويل القامة، باهظ الثمن، ما يعني أننا أمام غياب ملحوظ للحكامة.
ينضاف إلى كل هذا أن النخل لا يحمي من انجراف التربة كما الشجرة، "وحين نخون التنوع البيولوجي بمجال ما فإننا نخون المنظومة الإحيائية برمتها" تضيف العريضة.